خصّصت مليار دولار لتنمية أفريقيا.. ماذا تستفيد الجزائر وما أولوياتها؟ | سياسة

0
33


الجزائر- خلال القمة رقم 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون قرار الجزائر ضخ مليار دولار “من أجل التضامن والمساهمة في دفع عجلة التنمية بالقارة الأفريقية”.

وفي القمة ذاتها قبل 3 سنوات، أطلق تبون -من أديس بابا- وكالة للتعاون الدولي لأجل التضامن والتنمية (ALDEC) ذات بُعد أفريقي، واليوم عهِد إليها بالمهمة.

وقال الوزير الجزائري الأول أيمن بن عبد الرحمن، في ختام أشغال قمة فبراير/شباط 2023، إن قرار ضخّ مليار دولار “إضافة كبيرة في مسار تفعيل آليات التضامن الأفريقي، انطلاقا من المقاربة الجزائرية التي تنص على أنه لا يمكن للسلم والأمن في أفريقيا أن يتحقق دون تنمية فعالة”.

وسبق للجزائر مسح ديون 14 دولة أفريقية -أغلبها من دول الساحل- بقيمة 902 مليون دولار. واختار الرئيس تبون القمة الجديدة، والتي جاءت تحت شعار “تسريع مسار تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية” للإعلان عن مبادرة بلاده بالمساهمة في تنمية القارة.

ووفق معطيات الجمارك الجزائرية، بلغ حجم المبادلات التجارية مع الدول الأفريقية 3.51 مليارات دولار قبل جائحة كورونا. وتحسنت هذه المعطيات خلال العام الماضي، بارتفاع صادرات البلاد للخارج من المحروقات إلى عتبة 7 مليارات دولار لأول مرة.

الحكومة الجزائرية: لا يمكن تحقيق السلم والأمن في أفريقيا دون تنمية فعالة (الجزيرة)

الدبلوماسية الدفاعية

وعن المبادرة الجزائرية، يرى مصباح عامر أستاذ الدراسات الإستراتيجية والأمنية بجامعة الجزائر-1 أنها “جزء من آليات مكافحة الإرهاب وتثبيت الاستقرار الأمني في القارة الأفريقية، ضمن الإستراتيجية الشاملة للأمن الوطني المرتكزة حول احتواء مصادر التهديد قبل أن تخترق الحدود الجغرافية للدولة”.

ويصطلح على هذا اسم “الدبلوماسية الدفاعية” عبر حلقات العمق الإستراتيجي للأمن القومي، والقائمة على فكرة إشباع مهام الفعالية الدفاعية، مع الاحتفاظ بالموارد الوطنية، دون الحاجة لنيران الأسلحة.

ويوضح عامر أن الطريقة المناسبة لهذه الدبلوماسية هي عقد الشراكات الإستراتيجية لدعم مشاريع الاستثمار المشتركة، وتوسيع الأسواق الوطنية، وترقية حجم المبادلات التجارية، واستقرار العملة بفتح الأسواق على بعضها البعض، بالإضافة إلى التواصل الاقتصادي والتجاري عبر مدّ خطوط سكك الحديد والكهرباء وتدفق الإنترنت وأنابيب نقل الطاقة.

ويوضح هذا الأكاديمي -في حديث للجزيرة نت- أنّ الغاية الإستراتيجية بعيدة المدى هي تطوير البنية التحتية المتقدمة للمساهمة في ربط أفريقيا بأوروبا اقتصاديا وتجاريا عبر البحر المتوسط، بشكل يجعل الجزائر حلقة وصل أساسية بين القارتين، لإشباع الحاجات المتبادلة.

وخلص إلى أّنّ البعد الإستراتيجي للمبادرة الجزائرية محدد في حماية الروابط الاجتماعية والسياسية للمجتمعات الأفريقية من التآكل، بفعل مصادر التهديدات الأمنية المختلفة مثل الإرهاب والحروب الأهلية والانقلابات العسكرية والتدخلات الخارجية والفقر والهجرة والعوامل المناخية القاسية.

توجهات خطة التمويل

وعن الأولويات المتوقعة لخطة التمويل، يعتقد حمد حميدوش أستاذ التحليل الاقتصادي بجامعة البليدة أن “وكالة التعاون الجزائرية” قد تخصص ما يعادل 30% لقطاع البنية التحتية والتنمية الحضرية، مقابل 10% لكل من قطاعات الإنتاج والمياه والصرف الصحي، ونسبة تقارب 5% لكل من حماية الموارد الطبيعية والتعليم والتكوين والنقل.

ويتوقع حميدوش (الخبير لدى البنك الدولي) تخصيص 3% من التمويل لصالح الحماية الصحية والاجتماعية ومشاريع الزراعة والأمن الغذائي، بينما يخصص الباقي لميادين مختلفة، مثل العدل والأمن والقطاع الخاص أو المشاريع متعددة القطاعات، بالإضافة إلى التمويل ذي الطابع المالي المحض.

ويوضح -في تصريح للجزيرة نت- أنّ التمويل يكون على شكل قروض بأسعار فائدة غير تجارية (حسنة) أو منح وهبات. وفي كلتا الحالتين سيتحتّم على البلد المستفيد المساهمة بمبلغ مالي في جلّ المشاريع، ليتكفل بدفع الضرائب والرسوم ومستحقات الفرق التي تعمل عليها ومتابعة إنجازها.

سليم قلالة يرى أن المساعدات الجزائرية والعربية ومن الدول الصديقة أسلوب أمثل لحماية أفريقيا (الجزيرة)

لحماية القارة

ومن جهة أخرى، يقول سليم قلالة أستاذ الدراسات المستقبلية والاستشراف بجامعة الجزائر-1 إنّ علاقات بلاده التاريخية مع أفريقيا لا تقتصر على التضامن المالي، وإنما “تعزيز للدعم السياسي والدfلوماسي المتبادل من أجل التحرر من ربقة الاستعمار منذ ثورة التحرير الجزائرية، ومن أجل نظام اقتصادي دولي جديد منذ سبعينيات القرن الماضي”.

ويرى -في حديث للجزيرة نت- أن العلاقات السياسية والثقافية المتبادلة أسبق من الاقتصادية، بل هي أساسها، وهو ما كان يتجلى في التطابق التام لوجهات النظر الجزائرية والأفريقية في المحافل الدولية “إذا استثنينا الفترة الأخيرة، حيث تمكنت قوى معادية، ومن بينها الكيان الصهيوني، من زرع الفتنة بين أعضائها”.

لذلك لا عجب -كما يقول قلالة- أن تُبادر الجزائر اليوم إلى تعزيز مواقفها مع بلدان أفريقيا بتخصيص مليار دولار “لإفشال مخططات التفرقة” لافتا إلى أنّ الدعم الجزائري للقارة قُدِّر ما بين عامي 1962 و2019 بنحو 10 مليارات دولار.

واعتبر قلالة المبلغ متناسبًا مع قدرات البلد، مقارنة مع ما تقدمه الصين مثلا، والتي بلغت مساعداتها لأفريقيا ما بين عامي 2000 و2018 أكثر من 150 مليار دولار، في شكل منح أو قروض مُيسَّرة أو قروض بدون فوائد.

وبالمقابل، هناك بلدان أخرى تدعم المنطقة الأفريقية لأغراض مختلفة، منها الدول الأوروبية الاستعمارية السابقة (فرنسا مثلا 6 مليارات دولار عام 2019، والولايات المتحدة 8 مليارات دولار بنفس الفترة).

غير أنّ أستاذ الدراسات المستقبلية والاستشراف أدرج هذا الدعم ضمن مساعي تكريس الهيمنة على موارد القارة والتحكم في سياساتها، عن طريق الاستغلال وشراء الذمم المعروفة تاريخيا لدى هؤلاء.

ولهذا، تُصبح المساعدات الجزائرية أو العربية أو من الدول الصديقة مختلفة تماما عن تلك التي تأتي من الغرب، مثلما يؤكد المحلل السياسي.

وقال قلالة إنّ ذلك هو الأسلوب الأمثل لحماية القارة وتعزيز تضامنها، مضيفا أنّ “الكيان الصهيوني بمساعدات لا تزيد على 61 مليون دولار عام 2018 تمكن من زرع الفتنة بين بعض البلدان الأفريقية”.



Source link

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here